لمن يعشق المدينة، أو سيعشقها..

هنا حيث العراقة، حيث خُطت آلافُ السنينِ على الطرق و الحجارة، و رُسمت القصص داخل الغيوم وتساقطت المشاعر مع كل قطرة مطر، حيث يتراقص النسيم طوال العام فوق وريقات الشجر، ويحتضن السحاب البساتين.. يكمُن الفَرق! هنا مدينة الطائف حيث نرحب بالورد في كل عام، ونتطيب من طيبه كل يوم، مدينة الطائف التي اشتهرت بجمال جوّها فمنذ سنواتٍ عديدة ‏كانت الطائف منزلاً و وجهة أساسية لشتى السُياح، ‏عُرفت برأس جبل الهدا حيث يستوقفونك بائعي الشاي المخدّر والورد الطائفي وبائعي الفواكة المتنوعة لتشعر بأنك دخلت جنةً مصغرة فلا يسعك إلا قول ماشاء الله.. تربِت على كتفك حبات مطر وتحوفك نسماتٌ باردة وكأن الجو ‏يداري إحتراق الأرواح ‏من جور الزمن، وحين تتعدى منطقة الهدا دخولاً لبداية الطائف ‏تستقبلك ‏مدن الألعاب الكهربائية المتنوعة كرسالةٍ صامتة تقول لك أن تنسى عمرك الفعلي الآن ‏وتفكر في ركوب لُعبةٍ ما ترد الضحكات لروحك، وأما إن أتينا للناحية الأثرية البحته فستجد العديد من القصور التاريخية التي توسدت الطائف.. ‏مثل قصر سنجر في حي السلامة الذي يقارب عمره ٩٠ عام، وقصر الشريف هاشم الذي يقع تحديدًا في الوهط ‏وقد بُني في القرن الثالث عشر ‏هجريًا، وقصر البوقري في حي قروى ‏الذي يتميز بجمال تصميمه والفن المعماري المحلي المنصَب داخله، ‏وتتعدد القصور و تتفاوت في حجمها وعمرها لكنها تظل أماكن سياحية تراثية تعود زيارتها على الأنفس بالبهجة وتنفض الغبار من عدسة الأيام السابقة حتى أصبحنا نرى الكثير بعدسة اليوم فقد أصبحت الأماكن الأثرية من أبرز مواقع التصوير للمهتمين بالموضة لما فيها من هالة جمالية تحيط الصور و التفاصيل المُراد إبرازها، و ‏تتميز الطائف رغم إختلاف الفصول بجوها المعتدل المائل للبرودة عادةً مما ‏جعلها منطقةً ‏مناسبةً تمامًا للسياحة، تشعر فيها أن البرودة تتخلل مسامات شعرك الحارة، وأيضًا غضب العمر المتراكم لتحط على صدرك ‏بردًا وسلامًا، فتجعلك تقضي نزهةً لا تُنسى!
وقد تمتد نزهتك حتى تصبح أيامًا لا تشعر فيها بمرور الوقت، تجوب شوارعها ‏وتزور حدائقها ومرافقها ‏و تصدح أغاني طلال مداح في عقلك.. ‏الفنان طلال مداح الذي كان يسكن الطائف في بداياته ولكنها بقيت تسكنه حتى النهاية، خَلّد صوته الجميل ‏هنا وغناءه الغزلي ‏لهذه البقعة الصغيرة، و إن جئنا لتنوع المرافق ‏فنجد ما يكفي العائلة وما يحتضن احتياجاتها رغم تفاوت العمر و اختلاف الاهتمامات.. و حين نتمعن الآن في الفرق بين ماكانت عليه الطائف وما أصبحت وما ستكون فحتمًا سننبهر، فمواسم الطائف قد أضافت على المدينة تغييرات جعلت السكان قبل السياح ينبهرون بها!
و بالطبع نحن نتطلع لمواسم الطائف القادمة و الإبداع المُتجدد و الأماكن و الأعمال التي تؤكد أن السياحة في مدينتنا لها طابع لا يتكرر.. والآن! نريد العيش حلمًا بعد حلمِ و نعلم أن للتحقيق داعِ، فوُجِدنا لنمهّد دروب المستقبل و نترك بصمة الأعمال خلفنا، و نمطر عليكم تفاصيلِ المدينة، وكلماتٍ ما بين الفن والسكينة، لننطلق معًا نحو الأحلام فألقُوا علينا السلام.

بقلم : ابتهال الثمالي

Scroll to Top